التاريخ الإسلامي

أرض الإســلام
الجزء الأول: فيتنام

هذا المقال سيكون اول جزء في سلسلة من المقالات بعنوان ” ارض الاسلام ”، وهو موضوع اريد من فترة ان اتحدث فيه لان واضح ان تاريخ دولة به الكثير من الإلتباس و ان اغلب المسلمين اليوم لا يعرفون تاريخهم بشكل جيد و لازالة الالتباس هذا و عدم المعرفة فلابد من تحديد ارض الاسلام بشكل واضح لان الكثيرون يعتقدون ان ارض الاسلام تتمثل في ارض الجزيرة العربية و الدولة العثمانية التي يختزلونها فيما يعرف اليوم باسم "تركيا" فقط، و ربما لا يعرف المسلمون اليوم ان سيبيريا في شمال روسيا هي ارض اسلامية مائة في المائة و كان يحكمها ملك مسلم عندما غزاها القياصرة الروس و قد دافع عنها ببسالة هو و اهالها المسلمين حتي انه عندما نجحت القوات الروسية في احتلال ظل الملك يقاوم بما تبقي من قوات فقال له الروس استسلم او سنقتل ابنائك فابي الملك فقتلوا ابناءه جميعاً و عندما وقع في قبضتهم رفض التوقيع علي وثيقة الاستسلام فقلعوا له عينيه و القوا به في سجون الجليد حتي لقي ربه و هو صابراً محتسباً! و ربما لا يعرف المسلمين تاريخ جزر سولو الاسلامية و التي تسمي اليوم بالفلبين و التي كانت ارضاً اسلامية غير ان الاسبان وصلوا اليها تسبقهم احقادهم التاريخية و العقائدية فاذنوا اهلها المسلمين شتي انواع العذاب لمدة تزيد عن ٤٠٠ عام تم فيها تغير اسمها الي اسم اكثر ملوكهم تعصباً و هو فيليب الثالث و ربما لا يعلم المسلمون ان اول قنابل بيولوجية ضربت لهدف الابادة حدثت في هذه الاراضي الاسلامية المسماه بالفيلبين و قد وقع ذلك في ١٩٠٤ علي يد الامريكان بعد ان يأسوا في تنصير اهلها، حتي في العصر الحديث المعاصر لنا ربما لا يعلم المسلمين اليوم انه في بدأية الثمانينيات قام بابا الفاتيكان المتعصب القذر الهالك يوحنا و الذي يسمونه كذباً ب"بابا السلام" الفيليبين فتم عمل استقبال له باكبر صليب من اجساد المسلمين الذين قتلهم حاكم الفيليبين المسيحي المتعصب الطاغية فرديناند ماركوس وزوجته ايميلدا ماركوس


سيدات مسلمات أمام باب مسجد النور في العاصمة هانوي بعد تأدية صلاة العيد في عام ٢٠١٨

في هذا المقال سأبدأ بالحديث عن دولة كانت عليها ارض الاسلام و ربما لا يتخيلها احد انها من ارض الاسلام و هي ڤيتنام! للاسف عندما يذكر احد اسم ڤيتنام فاول ما يقفز رؤوسنا هو "الحرب الامريكية الفيتنامية" و للاسف يعتقد البعض ان هذا هو قمة و منتهي التاريخ الفيتنامي و لكن لا احد يذكر ان المسلمون كان لهم دولة مزدهرة في فيتنام و مثلما دهشتك هذه المعلومة فانه من المؤكد انك ستندهش عندما تعلم ان الاسلام وصل الي هناك في وقت مبكراً جداً بدأية من عهد عثمان ابن عفان وعلي ابن ابي طالب رضي الله عنهما الا ان طغيان الحجاج بن يوسف الثقفي فيما بعد كان سبباً في كثرة اعداد المسلمين فرّوا إلى تلك المنطقة. و هناك التحموا مع قبائل ال"تشام" الذين يعيشون في اقليم تشامبا و تزاوجوا منهم بعد ان اعتنقوا الاسلام حتي جاء العام ٨٧٥ هجري‏اً فتحولت إمارة التشامبا إلى دولة إسلامية واسعة تضم عدة امارات و جعلوا من مدينة "فيجابا" العاصمة، غير ان هذا الازدهار ‏ولدت معه نوع من الكراهية من جانب إمارة فيتنام البوذية الشمالية و التي هي في الاساس مجموعة من عرقية الخمير و التي هاجرت من كامبوديا واستطاعت احتلال مناطق ڤيتنام الشمالية و تأسيسي الدولة الخميرية في حوالي سنة ٨٠٠ ميلادياً و التي لم تتردد في مجاهرة إمارة تشامبا الإسلامية الجنوبية العداء و طبعا كان منبع هذا العداء هو حقد حاكم الامارة البوذية و الكهنة و خوفهم من انتشار الاسلام و تحرير العباد من عبادتهم الي عبادة الله الواحد القهار و عليه اخذت امارة فيتنام البوذية الشمالية في الإغارة مع أن المسلمين لم يبدأوا القتال أو العداوة وانقسمت مراحل الصراع إلى عدة مراحل كما يلي

المرحلة الأولي :  وتمتد من سنة ٨٧٥ حتى ٩٤٧ وفيها تمكنت الامارة البوذية بمساعدة الصين وتايلاند من دخول مدينة فيجابا عاصمة إمارة تشامبا وأن تقتل ستين ألف مسلم وتأسر ثلاثين ألفاً آخرين وتسوقهم إلى عاصمتها هانوي وكان بينهم خمسون شخصاً من أفراد الأسرة الحاكمة في تشامبا

المرحلة الثانية:  وتمتد من سنة ٩٤٧ حتى ١٠٦٠ هجرياً واستطاعت الامارة البوذية في هذه المرحلة دخول منطقة كاوتهارا وهزيمة ملك تشامبا باتهام

‏المرحلة الثالثة:   وتمتد من سنة ١٠٦٠ حتى ١٢٣٧ هجرياً وفيها فقدت إمارة تشامبا منطقة كاوتهارا نهائية ونقلت مقر الحكم إلى مدينة باندور انغا وهاجرت جموع غفيرة من الفيتامين البوذيين إلى تشامبا لتستقر فيها واستولي على أجود الأرضي وأفضل الأماكن دون مقابل

المرحلة الرابعة: و قد بدأت من سنة ١٢٣٨ هجرياً حيث أحكمت فيتنام قبضتها التامة على تشامبا ووزعت أراضيها على الفيتناميين البوذيين وطردت التشامبيين وغادر " بو تشون " ملك تشامبا البلد وطلب اللجوء السياسي لكمبوديا التي رحبت به توجه التشامبيين بأعداد كبيرة إلى بلاد متفرقة حين هاجر سكّان الساحل إلى ترينغانو في ماليزيا. كما فرّت مجموعة صغيرة إلى الشمال حيث جزيرة هاينان الصينية التي يُعرفون فيها اليوم باسم الـ«أُتسُل». ولا زالت المنطقة التي هاجر إليها الملك وأهل اليابسة تُعرَف بمقاطعة كمبونغ تشام، وتشتّتوا فيها إلى مجموعات قنطت وراء نهر الميكونغ. لكن لم يهاجر كل المسلمين التشامبا وبقيت منهم مجموعات في مقاطعات «نيا ترانغ» و«فان رانغ» و«فان ري» و«فان ثيات» في وسط فيتنام

و هكذا و بعد ٤ قرون من الكفاح تسقط دولة الاسلام في ارض فيتنام التي توحدت تحت الحكم البوذي الوثني غير ان سنة الحياة قضت بالا يهنأ هؤلاء الوثنيين بما اقتطعوه من ارض الاسلام حيث سرعان تآكلت وحدة فيتنام البوذية تدريجيا عندما أقدمت فرنسا على سلسلة من الغزوات العسكرية منذ عام ١٨٥٩ حتى عام ١٨٨٥ عندما أصبحت البلاد كلها جزءا من مستعمرة الهند الصينية الفرنسية. وفرضت الإدارة الفرنسية تغييرات سياسية وثقافية هامة في المجتمع الفيتنامي على غرار النظام الحديث في الدول الغربية، وطورت نظام التعليم وراجت الديانة المسيحية بشكل واسع في المجتمع الفيتنامي بفضل البعثات التنصيرية الكاثوليكية و التي لم تجد من يقاومها غير بقايا المسلمين الذين ازدادوا تمسكاً بدينهم فذاقوا الويلات على يد الاستعمار الفرنسي في الفترة ١٨٥٨ الي ١٨٨٣ حتي كادوا ان يفنوا. و هكذا ظلت فرنسا مهيمنة على تلك المستعمرات حتى الحرب العالمية الثانية، عندما أدت حرب اليابان للسيطرة على المحيط الهادي إلى غزو الهند الصينية الفرنسية في سنة ١٩٤١ و في نفس العام و بعد نجاح اليابان في احتلال بعض المناطق الفيتنامية ظهرت حركة التحرر الشيوعية القومية "فيت مين" وسعت إلى استقلال فيتنام عن فرنسا وكذلك مقاومة الاحتلال الياباني. و بسبب ذلك لقي نحو ٢ مليون فيتنامى، أي حوالي ١٠ ٪ من السكان حتفهم خلال مايسمى بمجاعة فيتنام من ١٩٤٤ الي ١٩٤٥ وفي أعقاب الهزيمة العسكرية لليابان وسقوط امبراطوريتها الفيتنامية الدمية في أغسطس ١٩٤٥ أستولت قوات "فيت مين" على هانوي وأعلنت الحكومة المؤقتة، والذي أكدت فيه الاستقلال بتاريخ ٢ سبتمبر ١٩٤٥ وقد أرسلت الجمهورية الفرنسية المؤقتة قوات استطلاع فرنسية للشرق الأقصى في نفس العام والتي تم إنشاؤها أصلا لمحاربة قوات الاحتلال اليابانية، وكان هدف هذه القوات مقاومة حركة التحرير واستعادة السيادة الفرنسية. وفي ٢٠ نوفمبر عام ١٩٤٦ اندلعت الحرب الهندوصينية الفرنسية و التي دامت حتى ٢٠ يوليو ١٩٥٤ حيث تم وقف إطلاق النار و توقيع اتفاقية في مؤتمر جنيف ١٩٥٤ بين الطرفين. فانتهى عهد الاستعمار في الهند الصينية بعد تفكك "المستعمرات الفرنسية في الهند الصينية". ووفقا لاتفاقيات جنيف ١٩٥٤ تم فصل الجنوب عن الشمال، مع وجود منطقة منزوعة السلاح بينهما، و هنا ظهرت تحرّكات ثورية مطالبة بحرية التشام وبإنشاء دولة لهم. ومنها جبهة تحرير التشام وجبهة تحرير المرتفعات وسعت الأخيرة للتعاون مع قبائل أخرى من سكّان الهضاب، وكان اسمها بين عامي ١٩٤٦ و١٩٦٠ جبهة القوميات الصغيرة ثمّ غيّرت اسمها عام ١٩٦٠ ثمّ أُدْمِجَت مع الأولى في الستينات ليشكّلا «الجبهة الموحَّدة لتحرير العرقيات المضطهدةو التي سعت الي تحرير المسلمين المضطهدين. و هنا بدأت الصين والاتحاد السوفياتي سابقاً بدعم القسم الشمالي، والولايات المتحدة الأمريكية بدعم القسم الجنوبي، مما أدى إلى نشوب حرب فيتنام التي جعلت من الفيتنام مسرح لاستعراض القوة الشيوعية والرأسمالية في ذلك الوقت ودفع الفيتناميون ثمن هذه الحرب التي انتهت بهزيمة الاميركيين الذين اجبروا على الانسحاب في مارس ١٩٧٣ ، لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو ان المسلمين دفعوا جزء كبير من هذا الثمن حيث وقع انقلاب في الجارة كامبوديا التي لجأ اليها المسلمون منذ قرنين فظهر لهم الخمير الحمر مرة اخري فاذقواهم شتي اصناف العذاب و سرعان ما قامت قوات كل من جمهورية فيتنام والولايات المتحدة بقصف كمبوديا وغزو بعض من أراضيها و ما بين القوات الامريكية و الفيتنامية الشيوعية و الخمير الحمر البوذية حوصر المسلمين و تم قتل اعداد مهولة منهم حيث يقول «عيسى عثمان»، وهو باحث في مركز التوثيق في كامبوديا، متحدثا عن ابادة الخمير الحمر فقط :«ان عدد القتلى قد يصل إلى نصف المليون، فقد اعتبرهم الخمير الحمر عدوّهم الرئيس وكانت خطّتهم أن يبيدوهم جميعاً لأنّهم برزوا مختلفين: عبدوا إلٰه مختلف وطعموا غذاء مختلف كما أنّ أسمائهم ولغتهم مختلفة أي أنّهم كانوا يعيشون بأساسيّات وقواعد مختلفة. وحيث أنّ الخمير الحمر أرادوا المساواة بين الجميع، لمّا مارس التشام الإسلام لم يبان أنّهم متساوون. لذا عوقِبوا.» و هو الامر نفسه الذي اكده أندرو بيران في مجلة تايم (النسخة الآسيوية) بمقالة في عام ٢٠٠٣ حيث أعلن فيها ارتكاب الخمير الحمر إبادة جماعية ضد أقلية التشام المسلمة في كامبوديا في عام ١٩٧٥ وزج الباقون منهم في السجون حيث مات الآلاف منهم داخل هذه السجون، كما تم القبض على أئمة المساجد والشخصيات ورجال الإعلام وقام الشيوعيون بالاستيلاء على عدد من المساجد والمدارسس القرآنية والوحدات الصحية و ممتلكات بعض الجمعيات الإسلامية وتضاعفت معها المذابح والاضطهادات ومثال ذلك المذبحة المروعة التي قام خلالها الشيوعيون بمدينة هوى بدفن الآلاف من المسلمين وغيرهم وهم أحياء مما أرعب الناس فخرجوا وهم مئات الألوف حذر المذابح المروعة من ديارهم إلى البلدان الأخرى فتناقص عدد المسلمين جد

المسلمون اليوم في تلك الارض المفقودة: بالرغم من كل ما حدث المسلمون هناك حيث خسروا ما قد يقارب نصف عددهم، وخسروا ما يفوق باقي العرقيات و حيث تم قتل أغلب أئمّتهم ولم يبقى سوى ٢١ من أصل ١١٣ إماماً - أي ١٩% - ولم يبقى سوى ١٥% من مساجد كامبوديا حسب التقديرات الا ان الإسلام يعتبر هناك في حالة نهضة حيث تبنى مساجد جديدة و يتّبعون الإسلام السني الصحيح ويقيمون فرائضه متضمّنين الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج إلى مكة المكرمة. ولسنين عدة اشترك ممثلون من كامبوديا من بقايا مسلمي فيتنام في مسابقات تلاوة القرآن الكريم السنوية المقامة في كوالا لومبور. كما ان مسلمي تشام يديرون مدارس إسلامية ويرأسهم مفتي. و من الطريف انه كان يوجد جماعة صغيرة يسمّون أنفسهم «قوم جمعة» ويتّبعون نسخة مستحدثة محلّياً من العقيدة الإسلامية فيصلّون في الجمعة فقط ولا يقيمون من رمضان سوى 3 أيام. لكن بعض أعضاء تلك الجماعة انضمّوا للمجتمع التشامي الصالح إسلامه وقد يكون سبب ذلك تأثير أعضاء اسرهم عليهم ممن درس الإسلام في الخارج


لمشاركة المقالة علي صفحتك في الفيسبوك، اضغط علي كلمة شير



التعليقات


مواضيع ذات صلة

Image placeholder

"يعقوب و بنيه" النظرة اليهودية الي قصة سيدنا يوسف

ودعا يعقوب بنيه وقال: «اجتمعوا لانبئكم بما يصيبكم في اخر الايام. اجتمعوا واسمعوا يا بني يعقوب، واصغوا الى اسرائيل ابيكم: راوبين، انت بكري، قوتي واول قدرتي، فضل الرفعة وفضل العز. فائرا كالماء لا تتفضل، لانك صعدت على مضجع ابيك....اقرأ المزيد


E-currency exchange listing

Image placeholder

تعرف علي قصة اسلام الباحث عن الحقيقة سلمان الفارسي

فقال أمير المؤمنين لسلمان يا با عبد الله أ لا تخبرنا بمبدإ أمرك ؟؟ فقال سلمان و الله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين و كنت عزيزا على والدي فبينا أنا سائر مع أبي ...اقرأ المزيد